حذَّرت المندوبية السامية للتخطيط من الاقتراض الخارجي من قبل الحكومة، وقالت إنه يُمثل إشكالية ما لم يوجّه إلى المشاريع المُنتِجة والمُدرة للعملة الصعبة والتي يجري انتقاؤها بعناية وتدبيرها بصرامة وتقييم نتائجها بدقة.
ورفعت حكومة سعد الدين العثماني من وتيرة الاقتراض الخارجي، حيث كان القانون المالي لسنة 2019 قد أتاح لها ذلك في حدود 27 مليار درهم، وجرى رفع الرقم خلال القانون المالي للسنة الجارية إلى 31 مليار درهم.
وقالت المندوبية، في إصدار جديد اليوم الثلاثاء حول الميزانية التوقعية لسنة 2020، إن النمو الاقتصادي الوطني سيُواصل ارتباطه البنيوي بتطور القطاع الفلاحي، وسيبقى الاستثمار الوطني في منحى مستويات نموه الضعيف المُسجلة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية.
وذكرت المندوبية السامية للتخطيط أن الادخار الوطني سيُواصل هو الآخر تسجيل تراجعات نسبةً للناتج الداخلي الإجمالي، وبالتالي استمرار تفاقم الحاجيات التمويلية.
وحسب خُبراء المندوبية، سيتأثر النمو الاقتصادي، بعدما انخفضت إمكاناته إلى 3 في المائة، بعراقيل عديدة تُعيق مُساهمته في التشغيل وإعادة توزيع الدخل اجتماعياً وترابياً وتحسن مستويات المعيشة للسكان.
وترى المؤسسة العمومية المُكلفة بالإحصاء في المملكة أنه “يتعين على البلاد الرفع من مجهودات الاستثمار عبر تحسين تدبير البرامج الاستثمارية وتعبئة كبيرة للموارد لصالح القطاعات المنتجة”.
ووفق معطيات المندوبية، فإن الزيادة في الاستثمار العمومي بـ4 نقط بالنسبة المئوية من الناتج الداخلي الإجمالي المُخصصة لهذه القطاعات المنتجة ستُمكن من تحقيق نمو اقتصادي بحوالي 5 في المائة، وهي الوتيرة نفسها عند تحسن مردود الاستثمار كما هو الحال بالنسبة إلى العديد من الدول الصاعدة.
وتُشير مُعطيات المؤسسة، التي يرأسها أحمد لحليمي العلمي، في هذا الصدد، إلى “الأهمية القصوى للنهوض بالتدبير الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تحسين الإطار القانوني والمؤسساتي للاقتصاد الوطني وعلى فعالية مبادئ الحكامة العمومية المنصوص عليها في الدستور”.
وفي حديثها عن ضُعف الاستثمار الخاص، قالت المندوبية إنه لم يتمكن من قيادة قاطرة المجهودات العمومية. ولذلك، “لا يمكن للدولة أن تنتظر للقيام بعملها في تحويل البنيات الاقتصادية في سياق عالم مليء بالمتغيرات والتحديات التقنية والبيئية والجيواستراتيجية العميقة”.
سنة 2019
في تحليلها لتطور الاقتصاد الوطني لسنة 2019، أشارت المندوبية إلى تأثره بالظروف المناخية غير الملائمة والظرفية العالمية الهشة.
ويأتي هذا الأداء الضعيف، بعد النتائج الجيدة المسجلة خلال السنتين الماضيتين، في ظل ضُعف التساقطات المطرية وسوء توزيعها الزمني، بحيث لم يتجاوز إنتاج الحبوب 52 مليون قنطار أي بانخفاض قدر بـ50 في المائة مقارنة بسنة 2018 وبـ34 في المائة مقارنة بالمتوسط السنوي المسجل خلال الفترة الممتدة بين 2008 و2017.
في المقابل، رصدت المندوبية نتائج جيدة لأنشطة الزراعات الأخرى، خاصة أنشطة التشجير والزراعات الصناعية وزراعة الخضروات، بحيث ساهمت في تقليص تأثير حدة التراجع الذي عرفته زراعة الحبوب. كما عرف إنتاج أنشطة زراعة الحوامض والزيتون، خاصة ارتفاعات كبيرة قدرت على التوالي بـ15 في المائة و22 في المائة مقارنةً بالموسم الفلاحي المنصرم.
وبناءً على ما سبق، سيعرف نمو الاقتصاد الوطني خلال سنة 2019 تباطؤاً للسنة الثانية على التوالي؛ وهو ثاني أضعف مُعدل نمو منذ سنة 2007، بعد تلك المسجلة سنة 2016، حيث سيستقر في حوالي 2,3 في المائة عوض 3 في المائة سنة 2018.
آفاق 2020
وبخصوص سنة 2020، قال تقرير المندوبية السامية للتخطيط إن آفاقها تعتمد على المُقتضيات الجديدة المُعلَنة في القانون المالي للسنة الجارية خاصةً فيما يتعلق بتدابير السياسة الجبائية ونفقات الاستثمار والتسيير. وفي جميع الحالات لن يتجاوز النمو الاقتصادي 3,5 في المائة.
وترتكز التوقعات الاقتصادية الوطنية أيضاً على مُستوى التساقطات المطرية إلى غاية نهاية شهر دجنبر المنصرم، بالتالي على سيناريو متوسط لإنتاج الحبوب خلال الموسم الفلاحي 2019-2020، وعلى تعزيز أنشطة الزراعات الأخرى وتربية الماشية.
كما تعتمد هذه الآفاق كذلك على تحسن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب بحوالي 3 في المائة سنة 2020 عوض 1,5 في المائة سنة 2019، وعلى الانتعاش المرتقب لتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج وللاستثمارات الخارجية المباشرة بعد النتائج غير الملائمة التي سجلتها سنة 2019.
بقلم يوسف لخضر / المصدر: هسبريس